سواء كان المقصود بالاقتصاد هو الاقتصاد في ميدان تعامل الفرد مع غيره، أو عند تعامله مع ممتلكاته ومع نفسه، أو أثناء وضع قوانين للمعاملات الاقتصادية، فإن الأمر تحكمه الإمكانية إلى جانب الضرورة، حيث إنه من الضروري الالتزام بحد معين من الأساس الأخلاقي من أجل الحفاظ على حد معين من النظام بالقدر الذي يجعل حياة البشر مختلفة عن حياة الحيوان وبالتالي حياة ذات قيمة تلبي حاجة أو رغبة الإنسان بأن تتوافق مع شعوره بالقيمة والسمو على غيره من الكائنات - بغض النظر عن الحقيقة؛ لكن لا بد من الأخذ في الاعتبار عدم إمكانية بلوغ الحد الأقصى من الأخلاق، ذلك أن الحد الأقصى من الأخلاق يتطلب واقعًا مثاليًا في كل عناصره، وهو ما لا وجود له، ولذلك فإن النسبية أو الوسطية تحكم كل شيء في حياة البشر أو الحياة العاقلة، ولأن الوسطية مساحة أو مسافة على التدريج وليست نقطة محددة، لذلك يختلف البشر في مدى التزامهم الأخلاقي في حياتهم ومعاملاتهم، بما يعكس اختلاف هوياتهم الفطرية والثقافية، وبما يجلب مصالحهم ويطرد مخاوفهم، وبما تسمح به وما تستوجبه ظروف اللحظة ومعطياتها.