وقع في عهد الخليفة المأمون فتنةٌ عظيمةٌ كادت أنْ تودي بالخلافة الإسلامية العباسية، وقادها بابك الخُرَّمي، وكان زعيمَ فرقةٍ ضالةٍ، تُؤمن بالحلول وتناسخ الأرواح، وتدعو إلى الإباحية الجنسية. وبدأت تلك الفتنة تُطِلُّ برأسها في أذربيجان، ثمَّ اتسع نطاقها لتشمل همدان وأصبهان، وبلاد الأكراد وجرحان، وحاول المأمون أنْ يقضي عليها؛ فأرسل الحملات تَتْرى؛ لقمع تلك الفتنة، لكنه تُوفي دون أن يُحقق نجاحًا، وانتقلت مهمة القضاء على هذه الفتنة إلى الخليفة المعتصم بالله الذي أعانة الله فأخمدها، وأسر قائدها وقتله.
الروم في بلاد الإسلام:
وكان من نتائج هذه الفتنة أنِ اتَّصل قادتها -وعلى رأسهم بابك- بإمبراطور الروم يستحثُّونه، ويطلبون منه مهاجمة الخلافة الإسلامية العباسية التي انشغلت بقتالهم، وكان مما قالوه له: إنَّ المعتصم لم يُبْقِ على بابه أحدٌ، فإنْ أردت الخروج إليه فليس في وجهك أحدٌ يمنعك.
واستجاب ملك الروم "توفيل ميخائيل" لاستغاثة بابك، وجهَّز جيشًا يزيد قُوامه على مائة ألف جندي، وسار به إلى بلاد الإسلام، فهاجم المدن والقرى يقتل ويأسر ويمثِّل، وكانت مدينة ملطيَّة من المدن التي خرَّبها الملك توفيل، حيث قتل الكثير من أهلها، وأسر نساءها المسلمات، حتى إنَّ عددهن بلغ ألف امرأة، وكان يمثِّل بالمسلمين فيقطع آذانهم وأُنوفهم، ويَسْمِلُ أعينهم.
وكان من بين الأسيرات امرأة هاشمية تُدعى "شراة العلوية"، استغاثت بالخليفة المعتصم في أسرها، ونقل ذلك إليه؛ فلبى استغاثتها.
كما أنَّ المسلمين جميعًا في سائر الأمصار ضجُّوا واستغاثوا في ا