عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرش إبليس في البحر يبعث سراياه في كل يوم يفتنون الناس، فأعظمهم عنده أعظمهم فتنة للناس)) رواه مسلم.
وعن جابر بن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الشيطان يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه في الناس، فأقربهم عنده منزلة أعظمهم عنده فتنة، يجيء أحدهم فيقول: ما زلت بفلان حتى تركته وهو يقول: كذا وكذا، فيقول (إبليس): لا والله ما صنعت شيئاً، ويجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله، قال: فيقربه ويدنيه ويقول: نعم أنت
ـ أن عرش (إبليس) على البحر، وذِكر الرسول عليه الصلاة والسلام لكلمة البحر فحسب تأكيد على أن هذا البحر لا يعدو كونه أحد بحار الأرض.
ـ أن (إبليس) اتخذ من مكان العرش قاعدة لتنطلق منها سراياه نحو تنفيذ أعمال الشرّ في عالم البشر.
ـ بين لنا الرسول عليه الصلاة والسلام وجود مملكة في البحر .. فقد ذكر لنا أن هناك عرش والعرش حوله سرايا، والعرش والسرايا كانا أهم ما يميز الممالك في العصور الأولى، وكأن الرسول يوضح لنا بذلك وجود مملكة لشياطين الجن بزعامة (إبليس) في البحر، وهذه المملكة قديمة قدم الزمان.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم يخبرنا الرسول عليه الصلاة والسلام عن البحر الذي به مملكة الشياطين؟
ربما هذا يعود لأحد سببين:
ـ إما أن موقع هذه المملكة في علم الغيب.
ـ وإما أن عالم الجن الغير مرئي يمنعنا من الإطلاع على أسراره، فلم يرد الرسول عليه الصلاة والسلام أن ينشغل المسلمون بما لا ينفعهم أو يعرضهم للهلاك.
ولو بحثنا في بحار الأرض عن الموقع الذي يشتبه بوجود مملكة شياطين الجن به، لوجدنا أن منطقتي مثلث برمودا ومثلث التنين هما أكثر منطقتين تثيران الشكوك حولهما، نظراً لما تحويانه من شرّ وغموض وأسرار لبني البشر منذ آلاف السنين.
دليل/ اختفاء المركبات العابرة:
عدد لا يحصى من المركبات المختفية على مرّ آلاف السنين في منطقتي مثلث برمودا ومثلث التنين، وعقود من الزمن مضت على الاعتراف الرسمي بها، ولا زال الغموض يكتنف الأمر وعقول البشر في حيرة بل عاجزة تماماً عن تقديم أي تفسير منطقي لهذه الظاهرة؛ سوى بعض النظريات التي أوردها بعض الباحثين.
لكن يبقى إصرار العامة على احتمال وقوف شياطين الجن وراء الاختفاءات في برمودا والتنين هو الاحتمال الأكبر بعد فشل العلماء والباحثين في تقديم التفسير العلمي المقنع لهذه الاختفاءات.
فهل لشياطين الجن علاقة بأمر الاختفاء في منطقتي مثلث برمودا ومثلث التنين؟
لدى شياطين الجن الدوافع للقيام بإخفاء أو بالأصح باختطاف المركبات العابرة في منطقتي برمودا والتنين، كون هذه المركبات تشكل خطراً عليهم وعلى مملكتهم وذلك بافتضاح سرهم للبشر .. وكما أن لدى شياطين الجن الدوافع للقيام بذلك، لديهم أيضاً القدرة على القيام باختطاف هذه المركبات، والقرآن الكريم يؤكد على ذلك من خلال القصة التي حكاها لنا وحدثت قبل آلاف السنين.
تقول القصة:
كان نبي الله (سليمان) عليه السلام أحد ملوك الأرض العظماء، وكان قد حكم بني إسرائيل وبنى له مملكة في مدينة القدس .. وحدث وأن طلب (سليمان) من رب العالمين طلباً لم يُجاب لأحد قبله أو بعده: {رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب} آية 35 سورة ص.
وحقق له الرب ما أراد، فأعطاه من النعم ما لا يُعد ولا يُحصى، من تلك النعم علمه منطق الطير، وسخر له الجن، وجعل الرياح تجري بأمره.
وفي ذات يوم وبينما (سليمان) عليه السلام جالس في خيمته، أتاه طائر الهدهد أحد جنود جيشه، وأخبر الهدهد (سليمان) عليه السلام بأنه رأى في دولة سبأ قوم تملكهم امرأة لها عرش عظيم ويسجدون للشمس من دون الله.
فأرسل (سليمان) كتاباً بواسطة الهدهد لملكة سبأ التي تدعى (بلقيس) جاء فيه: {بسم الله الرحمن الرحيم . ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين} آية 29 سورة النمل.
ووصل كتاب (سليمان) لـ(بلقيس) .. واطلعت (بلقيس) على الكتاب، وبعد مشاورات مع مستشاريها وبعد أن علمت أن لدى (سليمان) جيشاً عظيماً لا يقدر أحد على تحديه يتشكل من البشر والجن والوحوش والحيوانات والطيور، قررت الذهاب لـ(سليمان) خشية القتال.
وعلم (سليمان) بأن (بلقيس) قادمة إليه بالطريق، فأراد أن يعد لها مفاجأة لعلها تكون لـ(بلقيس) المعجزة التي تثبت لها نبوته لتكون من المسلمين.
فجلس (سليمان) في مجلسه المعتاد الذي يبتدئ من أول النهار إلى قريب الزوال، وجمع أتباعه الجن من حوله وقال لهم: {يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين}، أي من يأتي بعرش الملكة (بلقيس) العظيم الذي حدثنا عنه الهدهد من اليمن إلى هنا بالقدس قبل أن تصل الملكة (بلقيس) إليّ.
فعرض أحد عفاريت الجن الحاضرين قدرته وخدمته قائلاً: {أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} آية 39 سورة النمل، أي قبل أن ينقضي وقت انتهاء مجلسك هذا الذي كان سينتهي بغضون الساعتين فقط، مختصراً بذلك رحلة تستغرق عدة أشهر.
وعرض آخر من مؤمني الجن قدرته وخدمته على (سليمان) قائلاً: {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} آية 40 سورة النمل، أي قبل أن يرجع إليك طرفك إذا نظرت به إلى أبعد غاية منك ثم أغمضته.
واستعان (سليمان) بالأخير في إحضار عرش (بلقيس)، وأحضر مؤمن الجن العرش كما قال أمام أعين (سليمان) عليه السلام.
وبهذا يتضح لنا من خلال هذه القصة التاريخية التي ذكرها القرآن الكريم مدى القدرات الخارقة التي وهبها الخالق سبحانه وتعالى للجن، وأن مسألة اختطاف المركبات العابرة في منطقتي برمودا والتنين ليست بالأمر العسير عليهم، فقدرتهم على نقل عرش عظيم لا يقوى على حمله إلا بضعة رجال من سبأ في اليمن إلى القدس في ظرف زمن خيالي أليس بقادر على اختطاف طائرة بالسماء أو سفينة على البحر أو غواصة تحت الماء ونقلها إلى أي مكانٍ يشاء.
لكن السؤال الذي يبحث عن الإجابة الأكثر أهمية: ما هو مصير المركبات المختفية؟
هناك احتمالين لمصير المركبات المختفية هما:
ـ الاحتمال الأول: أن يكون قد تم نقل المركبة المختطفة سواءً طائرة أو سفينة أو غواصة أو غيرها إلى مكانٍ في قاع البحر، حيث أن تضاريس منطقتي برمودا والتنين تتميزان بقاعيهما العميقان جداً، وفي نفس الوقت هذه الأعماق تتشعب بحيث تصنع خنادق على عمق كبير جداً من سطح الأرض .. وقد ذكر أحد الباحثين مصوراً مدى عمق هذه الخنادق البحرية أن جبل "أفرست" الذي يبلغ طوله 29028 قدماً لو وضعت قاعدته بأحد هذه الخنادق ما ظهر منه إلا جزء قصير لا يتعدى ميلاً واحداً .. فبالتالي يكون هذا المكان مناسباً جداً لدى الجن ـ الذين يملكون القدرة على الغوص في الأعماق كما قال تعالى: {والشياطين كل بناء وغواص} آية 37 سورة ص. ـ لإخفاء المركبات المختطفة بعيداً عن العين المجردة للإنسان الذي لا يستطيع الوصول والتوغل أكثر في هذا القاع العميق جداً.
ـ الاحتمال الثاني: أن يكون قد تم التخلص من المركبات المختطفة بشكلٍ نهائي، فطبيعة قاعي منطقتي برمودا والتنين تتميزان بأنهما منطقتين بركانيتين، قد تكون المركبات المختطفة صُهرت بمن فيها وتلاشى بالتالي أي أثر يُذكر لها.
ولنستعرض هنا آراء العلماء في العصر الحديث حول مسألة الاختفاءات في منطقتي مثلث برمودا ومثلث التنين:
ـ رأي رالف بيكر: ذكر (رالف بيكر) ـ وهو أحد المهتمين بظاهرة الاختفاء ـ أن التطورات الحديثة في علم الفيزياء تشير إلى وجود مادة مضادة للجاذبية ذات طبيعة مخالفة تماماً لطبيعة أي مادة على كوكب الأرض، وأن هذه المادة لها صفة الانفجار عندما تقترب من أي مادة مألوفة إلينا، وهذه المادة راقدة في أماكن محددة من كوكبنا، ومن المحتمل أن تكون قد أتت من الفضاء، ربما من مصدر مجهول خارج الكرة الأرضية قام بإرسالها ثم استقرت تحت قشرة الكرة الأرضية في اليابسة أو غالباً تحت البحار.