خلق الله الإنسان، وزوده بالعقل والروح ليتعرف بهما على الكون وخالقه، فهذا الإنسان خلق ليكون خليفة الله في الأرض، ولكن هذا الإنسان قد ضل عن الطريق المستقيم، فأرسل الله رسله وأنبياءه لتذكير الناس بخطة الله في كونه خصوصاً في ظل انتشار الوثن والضلال والانحراف عن الفطرة الانسانية، فهؤلاء الأقوام هم من أكثر المخلوقات شراً، لهذا عانى الرسل والأنبياء معهم، فلاقوا منهم العذاب وعانوا معهم فاستهزء بهم وطردوا وهجروا ونكل بهم، وقتل بعضا الأنبياء، لهذا فالرسل والأنبياء هم أشد الناس على هذه الأرض ابتلاءً وهم أرفع الناس مكانة عند الله تعالى وأعلاهم درجات، وهم أرجح الناس عقلاً وأكمل الناس ديناً وتقى، وأكثرهم جمالاً، وأعلاهم مكانة بين أقوامهم وكل هذا لكي لا يترك الله للناس عليه حجة. ومع كل هذا كذب الأقوام برسلهم، وطلبوا منهم إرسال الأدلة وإظهارها لتكون دليلاً على صدقهم، فأيد الله أنبياءه ورسله بمعجزات مختلفة، فالمعجزة هي شئ خارق للمألوف يجريه الله على يد نبيه ورسوله لتكون دليلاً على أن ما جاء به هذا النبي ليس بالكذب بل هو الصدق والصدق بعينه، وأن الله تعالى أرسله هداية لقومه ورحمة بهم، فالله عز وجل الرحمن الرحيم، هو الخالق والمدبر، القرب منه نجاة والبعد عنه خسارة وذل ونكبة. وعندما أظهر الأنبياء والرسل معجزاتهم لم يجدوا من أقوامهم إلا الاتهام بالكذب والسحر والشعوذة، فلم تجد معهم كافة الوسائل لللإقناع. تنوعت أشكال المعجزات، فكانت كل معجزة متلائمة ومتوافقة مع طبيعة القوم ومعتقداتهم، فنبي الله صالح أخرج له الله الناقة من الصخر في إعجاز لا يتسنى لكافة المخلوقات مجتمعة فعله ومع ذلك قوبل بالتكذيب وعقرت الناقة فعاقبهم الله تعالى جراء ما اقترفت أيديهم، ونبي الله إبراهيم عندما وضع في النار خرج منها سالماً، حيث أوقف الله خاصية الإحراق الموجودة في النار، أما نبي الله يوسف فكان بارعاً في تفسير الأحلام، بينما سخر الله لسليمان كافة المخلوقات في الكون فهو أعظم ملك مر على الإنسانية، ولا يوجد ما هو أشهر من عصا موسى عليه الصلاة والسلام التي تتحول إلى الثعبان واليد البيضاء كمعجزتان واضحتان بينتان إلى الطاغية فرعون، أما روح الله المسيح عليه السلام فمعجزاته كثيرة منها إحياء الموتى ومعالجة الأكمه والأبرص. أما معجزة الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – فجاءت مخالفة للتوقعات إذ إن الكتاب الموحى إليه هو نفسه المعجزة الخالدة إلى يوم القيامة والتي ستبقى معجزة حقاً في وجه المنكرين والمكابرين.