الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
عن طارق بن شهاب وهذا حديث أبي بكر قال : أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان ، فقام إليه رجل فقال : الصلاة قبل الخطبة ، فقال : قد ترك ما هنا لك ، فقال أبو سعيد : أما هذا فقد قضى ما عليه ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " رواه مسلم .
وعن طارق بن شهاب عن أبي سعيد الخدري قال : أخرج مروان المنبر في يوم عيد فبدأ بالخطبة قبل الصلاة فقام رجل فقال : يا مروان خالفت السنة أخرجت المنبر في يوم عيد ولم يكن يخرج فيه وبدأت بالخطبة قبل الصلاة ، فقال أبو سعيد الخدري : من هذا ؟ قالوا : فلان بن فلان ، فقال : أما هذا فقد قضى ما عليه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من رأى منكراً فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " .
وقد جاء عن البخاري عن ابن عباس قال : شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهم فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة .
قوله : ( أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان ) قال القاضي عياض رحمه الله : اختلف في هذا فوقع هنا ما يراه وقيل أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة عثمان رضي الله عنه وقيل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما رأى الناس يذهبون عند تمام الصلاة ولا ينتظرون الخطبة وقيل بل ليدرك الصلاة من تأخر وبعد منزله وقيل أول من فعله معاوية وقيل فعله ابن الزبير رضي الله عنه ، والذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم تقديم الصلاة وعليه جماعة فقهاء الأمصار وقد عده بعضهم إجماعاً يعني والله أعلم بعد الخلاف أول لم يلتفت إلى خلاف بني أمية بعد إجماع الخلفاء والصدر الأول وفي قوله بعد هذا : أما هذا فقد قضى ما عليه ، بمحضر من ذلك الجمع العظيم دليل على استقرار السنة عندهم على خلاف ما فعله مروان وبينه أيضاً احتجاجه بقوله : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من رأى منكم منكراً فليغيره " ولا يسمى منكراً لو اعتقده ومن حضر أو سبق به عمل أو مضت به سنة وفي هذا دليل على أنه لم يعمل به خليفة قبل مروان وأن ما حكى عن عمر وعثمان ومعاوية لا يصح والله أعلم .
قوله : فقام إليه رجل فقال الصلاة قبل الخطبة ، فقال : قد ترك ما هنا لك ، فقال أبو سعيد : أما هذا فقد مضى ما عليه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده " الحديث ، قد يقال كيف تأخر أبو سعيد رضي الله عنه عن إنكار هذا المنكر حتى سبقه إليه هذا الرجل ، وجوابه أنه يحتمل أن أبا سعيد لم يكن حاضراً أول ما شرع مروان في أسباب تقديم الخطبة فأنكر عليه الرجل ثم دخل أبو سعيد وهما في الكلام ويحتمل أن أبا سعيد كان حاضراً من الأول ولكنه خاف على نفسه أو غيره حصول فتنة بسبب إنكاره فسقط عنه الإنكار ولم يخف ذلك الرجل شيئاً لاعتضاده بظهور عشيرته أو غير ذلك أو أنه خاف وخاطر بنفسه وذلك جائز في مثل هذا بل مستحب ويحتمل أن أبا سعيد هم بالإنكار فبدره الرجل فعضده أبو سعيد والله أعمل ، ثم أنه جاء في الحديث الآخر الذي اتفق البخاري ومسلم رضي الله عنهما على إخراجه في باب صلاة العيد أن أبا سعيد هو الذي جذب بيد مروان حين رآه يصعد المنبر وكانا جاءا معاً فرد عليه مروان بمثل ما رد هنا على الرجل فيحتمل أنهما قضيتان أحداهما لأبي سعيد والأخرى للرجل بحضرة أبي سعيد والله أعلم ، وأما قوله فقد قضى ما عليه ففيه تصريح بالإنكار أيضاً من أبي سعيد .