يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإٍسلام، وعموده الصلاة)، فالصلاة هي عمود الدين، والركن الأساس بعد النطق بالشهادتين. الصلاة هي الفاصل بين الحق والباطل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). الصلاة هي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإذا قبلت قُبل سائر عمله، وإذا رُدت در كل عمله. الصلاة هي التي تدل على حسن إسلام المرء، ومحبته لخالقة وطاعته له. الصلاة من أهم أسباب تطهير العبد من ذنوبه، وهي الرافعة لدرجاته، وهي التي تزيد حسناته، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أرأيتم لو أنّ نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمساً ما تقول ذلك يبقي من درنه؟) قالوا: لا يبقي من درنه شيئاً. قال: (فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بها الخطايا). الصلاة من أسباب سمو النفس البشرية عن الخطايا، وعن التمسك بشهوات الدنيا، وهي دواء لأمراض القلب وبها يصفو فؤاده. الصلاة هي الزاد في هذه الدنيا والآخرة، فيتزوّد منها فيرتقي ويرتفع، وينشرح صدره، وتسكن نفسه، وتسعد روحه، ويبتهج فؤاده، وينفرج همه، ويزول حزنه بحول الله سبحانه، وهناك الكثير والكثير من فوائد الصلاة، وهي غيض من فيض، وما أذكره هنا هو بشكل مختصر. علينا ربط محافظتنا على الصلاة بالأمانة التي حَمّْلنا الله إياها بغاية عظيمة، وهي الامتثال لأمر الله سبحانه، وأدائك للحق المفروض عليك، فيقول الله سبحانه وتعالى: (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ) البقرة43. علينا استحضار العقوبة التي تنتظر كل من يتهاون بالصلاة، أو يقصر في أدائها، أويتقاعس عنها؛ لأنّ هذا سوف يبعث فينا الرهبة والخوف من الله. علينا الاستعانة بالأسباب التي تحثنا على الحفاظ على الصلاة في كل الأوقات، ومنها: شحذ النفس بالتعلم والثقافة الإسلامية، وتفقيه النفس بمعرفة فضائل الصلاة وثوابها. تهيُّؤ النفس قبل الدخول في العبادة أو أي عمل صالح، وذلك بتهذيب النفس وتصفيتها، وكذلك القلب والروح والجوارح من أي شوائب وذنوب، لأن ترك النفس من غير تهذيب يؤدي إلى قسوة القلب وتحجره، وتُصاب النفس بالأمراض، ويُضرب الجسم بالكسل والخمول، ولنعلم أن الإصلاح يجب أن يتم من الداخل قبل الخارج. يجب أن نسعى إلى إصلاح ما بيننا وبين الله، حتى يُصلح ما بيننا وبين الناس، وما بيننا وبين أعمالنا جميعاً. ويجب أن ندرك بأن الإصلاح يرتكز على أمرين أساسيين، هما: الصدق، والإخلاص في حب الله سبحانه وتعالى، وعندها سوف يتصاعد أحساسك بالمسؤولية في أدائك الحق و الواجب لله سبحانه، وسوف تلتزم في أداء فرائض الله التي فرضها على عباده، وخاصة فريضة الصلاة، وتسمو عندك همة وترتقي العزيمة جبارة في مجاهدة النفس، وكبح جماح شهوتها. اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى، وطلب العون منه، فهو خير سلاح وخير معين به ننتصر على هوى النفس، وبه نثبت على الحق، فالدعاء من صفات الصالحين والمرسلين، لقد كان خليل الله إبراهيم عليه السلام يقول في دعائه: (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء)، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو عقب كل صلاة: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك). علينا أن نُكثر من الأعمال الصالحة، فهي التي تداوي القلوب، حيث يقول سبحانه وتعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) سورة طه 82. ويجب علينا أيضا أن نسارع ونبادر ونستبق إلى التوبة الصادقة من كل ذنوبنا وخطايانا، وعلى رأس ذلك تكاسلنا عن الصلاة. إن اختيار الصحبة الصالحة والصداقة الطيبة التي تعين على طاعة الله، وعلى السعي إلى البر والتقوى، والالتزام بالصلاة، الأصدقاء هم من إذا رأينا وجوههم تذكرنا الله، ومن إذا رأيتهم ذكروك بالله سبحانه، فالنحافظ على مثل هذه الصحبة الصالحة. ولنبادر إلى أداء الصلاة الصلاة في وقتها المناسب، وبمجرد سماعنا الآذان لنستحضر عظمة الله، وأنه أكبر من كل ما يشغلنا، ولنستشعر هيبة الأذان ونردد مع المؤذن، ولنتوجه بمشاعرنا للوضوء والتجهز للوقوف بين يدي الله سبحانه، لنستحضر بكل جوارحنا وعقولنا هيبة الله سبحانة وتعالى، لتسكن نفوسنا وتخشع، ولينقلنا لحالة السمو والارتقاء عن كل ارتباطات الدنيا ومشاغلها، فتصغر الدنيا في عيوننا، فلا نهتم إلا بقيمة الصلاة ولذة الوقوف بين يدي الخالق جل في علاه. فكل هذه الإرشادات والنصائح التي أذكر بها نفسي قبل أنفسكم، كافية لتقوي رغبتنا على الالتزام بطاعة الله والمحافظة على الصلاة في وقتها، وكذلك تقوي رغبتنا في عمل الخيرات والإقبال على الطاعات، لتجد كل روحا حائرة خائفة طريقها الصحيح، وتعرف قلوبنا لذة العبادة لله وحده. فالمحافظة على الصلاة هي فلاحنا في الدنيا والآخرة، وهي سبيل خلاصنا ونجاتنا بحول الله، وليكفينا أن نكون في من قال الله فيهم: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الأنعام 162، ومن قال الله فيهم: (وَالّذِينَ هُمْ عَلَىَ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ، أُوْلََئِكَ فِي جَنّاتٍ مّكْرَمُونَ) المعارج 34-35. حينها نصبح ونمسي وليس لنا هم في كل حياتنا وأفعالنا وغاياتنا إلا إرضاء الله وحده، وترتقي النفس، ويصفو القلب، ويردد اللسان بذكره، تسعى الجوارح لطاعته، لتتحول الحياة كلها لله. وإنّ من تشغله الدنيا عن الصلاة والعبادة وذكر الله، يصبح ويمسى والدنيا أكبر همه، ووكله الله إلى نفسه، وشغله عن محبته بمحبة سواه، وعن ذكر الله بذكر ما سواه، وجعل جوارحه تعبد ما سواه، فيُصرَف عن طاعته، فيقعُد يجري في دنياه بلا أي هدف أو غاية، يعبد نفسه والهوى والدنيا.