تختلف الرؤية في الماء عن الرؤية في الهواء، لأن الماء أقل شفافية من الهواء، وكلما زاد عمق الماء نقصت شفافيته تدريجيًّا حتى يصبح معتمًا. لذلك تستطيع عين البشر أن ترى في النور على بعد كيلومترات، أما عيون الأسماك فليس بمقدورها أن ترى أبعد من 15 مترًا، هذا إذا كان الماء صافيًا والأشياء المنظورة في نفس مستواها. وإذا كان الماء عكرًا فلا تزيد رؤيتها على مترين. ولكن عيون الأسماك تفوق عيون البشر في حدة الرؤية في الماء، لأنها خُلقت في غاية من الكمال لتناسب الرؤية في الوسط الذي تسكنه.
ومع هذه القدرة الفذة على الرؤية في الماء، لا تزيد عيون الأسماك في تركيبها عما في عيون سائر الفقاريات من ثدييات وزواحف وطيور. لكن الخالق ببالغ حكمته وعظيم قدرته، خلقها لتستطيع الرؤية في الماء؛ فلم يجعل بلورة عينها مثل حبة العدس كما عند الإنسان، بل جعلها على شكل كرة، ولم يجعلها خلف الحدقة كما عند الإنسان، بل جعلها تدخل إلى الحدقة وتبرز من خلالها فوق سطح الرأس، وتلك طرق يشهد علماء المرئيات بحسن ملاءمتها للرؤية الواضحة في الماء وجعل العين كلها بارزة على سطح الرأس كهيئة فص الخاتم ليتمكن السمك من سبر مجال للرؤية أوسع لأنه عديم الرقبة. ومما يميز عين السمك، أن تكيف الإبصار مع المسافات (ويسمى التبئير) يتم لديها بإبعاد أو تقريب البلورة من الشبكية، بينما يكون في سائر العيون بزيادة أو إنقاص تحدب البلورة.