يقول الله عز وجل في محكم تنزيله: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الراحمون يرحمهم الرحمان، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" [1].
الرحمة خلق نبيل وعمل قلبي طيب، نابع من استشعار كرم الله وفضله فتتشبه باسم من أسمائه الحسنى متمثلا في رقة القلب ورهافة الشعور وإحساس بالآخر وسعي وراء قضاء حاجات الناس وإسعادهم، هذا السعي الذي يولد المودة والمحبة بين عباد الله.
إن شعورا كهذا لهو الذي ينبغي أن يسود بين الزوجين مجسدا في الابتسامة المشرقة والعبارات المشبعة بالحب والحنان والأفعال الرحيمة. قال ابن القيم رحمه الله واصفا خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أزواجه: "كانت سيرته مع أزواجه حسن العشرة، وحسن الخلق. وكان يسرب إلى عائشة بنات الأنصار يلعبن معها. وكانت إذا هويت شيئا لا محذور فيه تابعها عليه. وكانت إذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمه في موضع فمها وشرب"[2].
لا يمكن لبيت كانت هذه ملامحه إلا أن ينجب أبناءا مستقرين نفسيا متكاملين عاطفيا تكاملا ينشيء أطفالا يحبون فيحبون، يرحمون فيرحمون. لأنهم تشربوا ذلك من نسمات الرحمة والحب المنبعثة من أقوال وأفعال الأبوين. هكذا تكون التربية بالفطرة على استمرار الفطرة. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" [3].
الصدق والإخلاص
الصدق ضد الكذب والإخلاص ينافي الخيانة والنفاق. والزوجان السعيدان من يصدق أحدهما الآخر فيكون حريصا على نفعه وما به صلاحه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير ما يكنزه الرجل المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته" [4].. إن من مقتضيات الصدق والإخلاص أن ينبئ كل واحد منهما صاحبه بالمشاعر الطيبة والتوجيه السليم الحكيم ولاتخالف أفعاله أقواله، لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة، وهذا أهم رافد من روافد الثقة المتبادلة والقدوة الصالحة.