ما هو مشروع “اسفير”؟
يحظى مشروع “اسفير” والدليل الخاص به بشهرة واسعة لإدخاله اعتبارات مراعاة الجودة والمساءلة إلى مجال الاستجابة الإنسانية. ولكن ما هي أصول مشروع “اسفير”؟ ما هي فلسفته وما هو نهجه؟ كيف ينظر إلى هذا الدليل، ولماذا؟ ما هو موقعه في العالم الأوسع للعمل الإنساني؟ ومن الذي ينبغي له استعماله، ومتى؟ تلك هي الأسئلة الرئيسية التي يسعى هذا الفصل جاهداً نحو توفير بعض الإجابات عنها. وعلاوة على ذلك، فإنه يشرح تفصيلياً طريقة تنظيم هذا الدليل، وكيفية استعماله، وكيف يمكن لكم أو لمنظمتكم العمل وفقاً للمعايير الدنيا لمشروع “اسفير”.
فلسفة مشروع "اسفير": الحق في حياة كريمة
باشرت مجموعة من المنظمات الإنسانية غير الحكومية إلى جانب الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر مشروع “اسفير” في عام 1997، وكان هدفهم هو تحسين جودة أعمالهم في مجال الاستجابة للكوارث، واستعدادهم لقبول المساءلة عن ذلك. وقاموا بإرساء فلسفة مشروع “اسفير” على معتقدين أساسيين: أولهما، أن السكان المتضررين من الكوارث أو النزاعات لديهم الحق في الحياة بكرامة، وبالتالي، فلديهم حق الحصول على المساعدة، وثانيهما، أنه ينبغي اتخاذ كافة الخطوات الممكنة لتخفيف المعاناة الإنسانية الناجمة عن الكوارث أو النزاعات.
وفي إطار المسعى الجاد نحو دعم هذين المعتقدين الأساسيين، فقد وضع مشروع “اسفير” إطاراً للميثاق الإنساني، وحدد مجموعة من المعايير الدنيا في قطاعات رئيسية منقذة للحياة، تجسدها الآن الفصول التقنية الأربعة من هذا الدليل: الإمداد بالماء والإصحاح والنهوض بالنظافة، والأمن الغذائي والتغذية، والمأوى والمستوطنات واللوازم غير الغذائية، ومجال العمل الصحي. أما المعايير الأساسية فهي معايير عملية، وتنطبق على جميع الفصول التقنية.
والمعايير الدنيا هي معايير تقوم على الأدلة، وتمثل آراء قطاعية بشأن أفضل الممارسات في مجال الاستجابة الإنسانية. وكل معيار مصحوب بتدابير أساسية، ومؤشرات رئيسية، وملاحظات إرشادات (يأتي وصفها في الجزء الوارد أدناه بشأن “كيفية استعمال المعايير”)، تعطي توجيهاً بشأن كيفية تحقيقه.
وتصف المعايير الدنيا الشروط التي يتحتم تحقيقها في أي استجابة إنسانية لكي يتسنى للسكان المتضررين من الكوارث البقاء على قيد الحياة، والانتعاش بكرامة وفي ظل ظروف مستقرة. وفي صميم الفلسفة التي تقف وراء مشروع “اسفير” يكمن إشراك السكان المتضررين في العملية التشاورية، وبالتالي، فقد كان هذا المشروع من أوائل ما يعرف الآن باسم مبادرات الجودة والمساءلة.
ويجري نشر الميثاق الإنساني والمعايير الدنيا معاً في دليل واحد، وأحدث طبعاته هي تلك التي تقرأونها بين يديكم الآن. وهذا الدليل مصمم من أجل التخطيط والتنفيذ والرصد والتقييم خلال عملية الاستجابة الإنسانية. وهو أيضاً أداة فعالة للمناصرة عند التفاوض مع السلطات من أجل حيز العمل الإنساني، ومن أجل توفير الموارد. وعلاوة على ذلك، فمع تزايد اهتمام الجهات المانحة بإدراج المعايير في متطلباتهم بشأن ما يرفع إليهم من تقارير، فإن هذا الدليل يكون مفيداً لأنشطة التأهب للكوارث والتخطيط للطوارئ.
ولكون هذا الدليل غير مملوك لأي منظمة، فإنه يحظى بقبول واسع النطاق من جانب القطاع الإنساني ككل، وأصبح من مجموعات المعايير التي تحظى بأكبر قدر من الشهرة والاعتراف الدولي فيما يتعلق بالاستجابة الإنسانية، ويستخدم كأداة اتصال وتنسيق مشتركة بين الوكالات.
وكان أول إصدار لهذا الدليل في عام 2000، وتم تنقيحه عام 2003، ثم أعيد تنقيحه مرة أخرى عامي 2009 و2010. وكانت تـُجرى مشاورات على مستوى القطاع خلال كل عملية للتنقيح، شملت مجموعة واسعة من الوكالات والمنظمات والأفراد، بما في ذلك وكالات حكومية، ووكالات للأمم المتحدة.
والمستخدمون الرئيسيون لدليل “اسفير” هم الممارسون المنخرطون في التخطيط أو الإدارة أو التنفيذ في مجال الاستجابة الإنسانية، ويشمل ذلك الموظفين والمتطوعين في المنظمات الإنسانية المحلية والوطنية والدولية. وكثيراً ما تجري الإشارة إلى المعايير الدنيا، في سياق جمع الأموال ومقترحات المشاريع.
كما أن الجهات الفاعلة الأخرى، مثل الحكومات، أو السلطات المحلية أو العسكرية، أو القطاع الخاص، مدعوة إلى استعمال دليل “اسفير”، فقد يكون استخدامه من الأمور المفيدة في توجيه أنشطتهم الخاصة، وفي مساعدتهم على فهم المعايير التي تستعملها الوكالات الإنسانية التي قد يتفاعلون معها.
الدليل: تجسيد لقيم “اسفير”
تعكس الطريقة التي تم بها تنظيم هذا الدليل الهدف من مشروع “اسفير”، وذلك لترسيخ أسس الاستجابة الإنسانية في نهج حقوقي يقوم على المشاركة.
الميثاق الإنساني، ومبادئ الحماية، والمعايير الأساسية
يعبر الميثاق الإنساني ومبادئ الحماية والمعايير الأساسية تعبيراً واضحاً عن نهج مشروع “اسفير” القائم على الحقوق، الذي يركز على الناس، في مجال الاستجابة الإنسانية. وكلها تركز على أهمية إدراج السكان المتضررين، والسلطات المحلية والوطنية في جميع مراحل الاستجابة.وتم تجميع مبادئ الحماية والمعايير الأساسية معاً في بداية هذا الدليل تفادياً لتكرارها مع كل فصل تقني. ولذا، فيجب على مستعملي معايير “اسفير”، بمن فيهم المتخصصين في أي مجال تقني محدد، النظر إليها كجزء لا يتجزأ من هذه الفصول.
وحجر الزاوية في هذا الدليل هو الميثاق الإنساني (مصحوباً بقائمة توصيفية لوثائق قانونية وسياسية أساسية، في( الملحق رقم3). وهو يوفر خلفية أخلاقية وقانونية لمبادئ الحماية، فضلاً عن المعايير الأساسية والمعايير الدنيا، وهو بذلك يمهد السبيل نحو تفسيرها وتنفيذها على نحو صحيح. وهو بيان لحقوق والتزامات قانونية مقررة، ومعتقدات والتزامات مشتركة للوكالات الإنسانية، وقد جرى جمعها كلها في مجموعة من المبادئ والحقوق والواجبات المشتركة، التي تأسست على مبدأ الإنسانية والواجب الإنساني، وهي تشمل الحق في الحياة بكرامة، والحق في الحصول على المساعدات الإنسانية، والحق في تلقي الحماية والأمن. كما يؤكد الميثاق على أهمية مساءلة الوكالة عن المجتمعات المتضررة. وتعبر المعايير الأساسية والمعايير الدنيا تعبيراً واضحاً عما تعنيه هذه المبادئ والالتزامات من حيث الممارسة.
ويقدم الميثاق الإنساني تفسيراً لسبب كون المساعدة والحماية ركيزتين هامتين في مجال العمل الإنساني. ومن أجل مواصلة تطوير هذا الجانب المتعلق بالحماية، فقد تضمن الدليل مجموعة من مبادئ الحماية، التي تترجم عدة مبادئ قانونية وحقوق أوجزها الميثاق، إلى استراتيجيات وتدابير ينبغي الاسترشاد بها في مجال الممارسة الإنسانية من منظور الحماية. فالحماية تشكل جزءاً أساسياً من أجزاء العمل الإنساني، كما تشير مبادئ الحماية إلى مسؤولية كافة الوكالات الإنسانية عن ضمان أن تكون أنشطتها معنية بأكثر التهديدات خطورة التي يواجهها السكان المتضررون عادة في أوقات النزاعات أو الكوارث.
وينبغي لكافة الوكالات الإنسانية ضمان عدم جلب أعمالها لمزيد من الأذى للأشخاص المتضررين (مبدأ الحماية رقم 1)، وأن تصب أنشطتها بشكل خاص في مصلحة من هم أشد تضرراً واستضعافاً (مبدأ الحماية رقم 2)، وأن تسهم في حماية المتضررين من العنف وغير ذلك من أشكال الانتهاكات لحقوق الإنسان (مبدأ الحماية رقم 3)، وأن تساعد المتضررين على التعافي من الانتهاكات (مبدأ الحماية رقم 4). وتأتي أدوار الوكالات الإنسانية ومسؤولياتها في مجال الحماية، بوجه عام، في المقام التالي للمسؤولية القانونية التي تتحملها الدولة أو غيرها من السلطات ذات الصلة. وغالباً ما تنطوي الحماية على تذكير هذه السلطات بمسؤولياتها.
والمعايير الأساسية هي أول مجموعة من المعايير الدنيا، التي تسترشد بها باقي المعايير. وهي تعبر عن أهمية العمليات والنهوج المتبعة خلال الاستجابة الإنسانية لتجعلها استجابة فعالة. ومن الأمور الأساسية لكي يتسنى تحقيق المعايير التقنية: التركيز على قدرات المتضررين من الكوارث أو النزاعات ومشاركتهم مشاركة نشطة، وإجراء التحليل الشامل للحاجات والسياقات وفهمها، والتنسيق الفعال بين الوكالات، والعمل على التحسين المستمر للأداء، ودعم عمال الإغاثة المهرة دعماً ملائماً.
وقد تم تجميع مبادئ الحماية والمعايير الأساسية معاً في بداية الدليل، وذلك لتفادي تكرارها في كل فصل من الفصول التقنية. وهي تدعم كافة الأنشطة الإنسانية، ويجب استعمالها بالاقتران مع الفصول التقنية. وهي حاسمة فيما يتعلق بتحقيق المعايير التقنية بروح من الجودة، والمساءلة عن السكان المتضررين.
ترد المعايير الأساسية والمعايير الدنيا في أربعة فصول تقنية
فالمعايير الأساسية والمعايير الدنيا تغطي نهوج وضع البرامج وأربع مجموعات من مجموعات الأنشطة المنقذة للحياة: الإمداد بالمياه والإصحاح والنهوض بالنظافة، والأمن الغذائي والتغذية، والمأوى والمستوطنات البشرية واللوازم غير الغذائية، ومجال العمل الصحي.
منقول
http://www.spherehandbook.org/ar/what-is-spherey/