إن من المهارات التي ينبغي أن يتقنها الإنسان فن التعامل مع الناس، وهذا يحتاج إلى دربة وتعود على الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة.
ولقد كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- مثالاً عالياً في مكارم الأخلاق والمعاملات، وفي جميع شؤون الحياة، فينبغي علينا أن نقتدي به في ذلك: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} سورة الأحزاب(21). فهو صاحب الأخلاق الحسنة من الوفاء بالوعد، وصدق الحديث، وإكرام الضيف، وإعانة المحتاج، وما إلى ذلك من الأخلاق التي تخلق بها مما ورد في الكتاب، فلقد كان خلقه القرآن.
ولذلك فقد وجدنا في السنة أنه صلى الله عليه وسلم يحث على الأخلاق الفاضلة، والمعاملة الحسنة، بل ويبين أن الإنسان بحسن خلقه يبلغ ما لا يبلغه الصائم القائم؛ كما في حديث عائشة- رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)1.
وبحسن الأخلاق يكون الإنسان المؤمن من أقرب الناس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- مجلساً؛ فعن عبد الله بن عمرو أنه قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في مجلس : (ألا أحدثكم بأحبكم إلي، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة) ثلاث مرات يقولها، قال: قلنا بلى يا رسول الله ، قال: فقال: (أحسنكم أخلاقا)2.
فالأخلاق الحسنة بها بقاء ودوام الأمم حية بين الأنام، تذكر بالخير، حتى وإن فنيت تلك الأمة من على هذه البسيطة، فإن ذكرها الحسن يبقى بين الناس، فإن لم تكن هناك أخلاق حسنة فكأنما هذه الأمة قد فقدت وإن كانت باقية على هذه البسيطة، فضلا عن زوالها وفنائها على الحقيقة؛ كما قال بعضهم:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا