أولاً : الحمد لله الذي هداك إلى الإسلام ورزقك نعمة التوحيد ، وردك للحق بفضله وكرمه ومنته ، ونسأل الله أن يثبتك على الحق ، ويهديك إلى الرشد والخير ، وأن يرزقك التقوى في القول والعمل ، وقد أحسنت برغبتك في التعلم ، وحرصك على معرفة الحق والصواب ، فنسأل الله أن يرزقك الفقه في الدين .
ثانيًا : إذا كان هناك بعض الدعاة أو طلاب العلم ، الموثوق في علمهم ومنهجهم ، يحتاجون إلى مثل هذه الكتب للرد على الشيعة وبيان ضلالاتهم ، فبإمكانك أن تهدي هذه الكتب لهم ، ما داموا في مأمن من شرها ، وبإمكانهم أن ينتفعوا بها في الدعوة إلى المنهج الصحيح .
فإن لم يتيسر لك ذلك ، فيمكنك إتلافها عن طريق الحرق ، أو الدفن ، أو التقطيع الذي تختفي معه آيات القرآن ولفظ الجلالة ، وإذا بقي بعض الكلمة فلا يضر ، ويمكنك استخدام آلات تقطيع الأوراق .
ويمكنك مراجعة جواب السؤال رقم (5390) .
ثالثًا : ما تتعرض له من وساوس أمر معتاد يحدث للمؤمن لا ينبغي أن يقلقك ويشغل بالك ، ولكن عليك السعي في التخلص منه من خلال ما يأتي :
1. الاستعاذة والاستعانة بالله .
2. ذكر الله تعالى وضبط النفس عن الاستمرار في هذه الوساوس .
3. الانهماك الجدي في العبادة والعمل امتثالاً لأمر الله ، وابتغاء لمرضاته ، فمتى التفت إلى العبادة التفاتاً كلياً بجدٍّ وواقعية نسيت الاشتغال بهذه الوساوس إن شاء الله .
4. كثرة اللجوء إلى الله والدعاء بمعافاتك من هذا الأمر .
ويمكنك مراجعة جواب السؤال رقم (12315) .
رابعًا : الدعاء على نوعين :
الأول : دعاء العبادة ، والمراد به أن يكون الإنسان عابداً لله تعالى ، بأي نوع من أنواع العبادات ، القلبية أو البدنية أو المالية .
الثاني : دعاء المسألة ، وهو طلب جلب ما ينفع ، أو دفع ما يضر ، بأن يسأل الله تعالى ما ينفعه في الدنيا والآخرة ، ودفع ما يضره في الدنيا والآخرة .
وهذا يشترك فيه المؤمن وغير المؤمن .
ويمكنك مراجعة جواب السؤال رقم (113177) .
خامسًا : دعاء الكافرين إن كان دعاءً لغير الله كدعاء النصارى لمعبودهم المسيح عليه السلام أو السيدة مريم ، أو دعاء أهل الأوثان لأوثانهم فإنه دعاء في ضلال لا يجلب لهم نفعًا ، بل يكون سببًا للعذاب لهم في الآخرة ؛ لأنه شرك بالله تعالى .
قال الله تعالى : ( لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ) الرعد/14 .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (2/785) :
" ومعنى هذا الكلام أن الذي يبسط يده إلى الماء إما قابضا وإما متناولا له من بعد كما أنه لا ينتفع بالماء الذي لم يصل إلى فيه الذي جعله محلا للشرب ، فكذلك هؤلاء المشركون الذين يعبدون مع الله إلها غيره ، لا ينتفعون بهم أبدًا في الدنيا ولا في الآخرة " انتهى .
سادسًا : دعاء الكافرين لله قد يستجاب لهم ، إن كان أحيانًا لحِكم منها : إقامة الحجة على هؤلاء الكفار ، أو للانتصاف للمظلوم منهم لأن الله يأمر بالعدل ويحرم الظلم ، أو لأنه سبحانه تكفل برزقهم في الدنيا فإذا طلبوا منه ذلك أعطاهم إياه ، أو لإظهار كرمه وجوده ومنته على العالمين .
ومن ذلك قوله تعالى : ( وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا ) الإسراء /67.
وقوله تعالى : ( قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ . قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ ) الأنعام /63-64 .
وقوله تعالى : ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ) النمل /62 .
وقوله تعالى : ( وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) إبراهيم /34 .
وظاهر هذه الآيات يدل على أن استجابة الله تعالى لبعض دعاء الكافرين يكون لإقامة الحجة عليهم ، أو لإظهار رحمته وفضله ومنته بإغاثة الملهوفين ونجدة المضطرين .
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَإِنَّهُ لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ )
أخرجه أحمد (12140) وحسنه الألباني في "صحيح الترهيب والترغيب " (2231) .
وهذا يدل على إجابة الله لدعوة الكافر المظلوم ؛ لأن الله يأمر بالعدل وينهى عن الظلم وينتصف للمظلومين وإن كانوا كفارًا لكمال عدله سبحانه وتعالى .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (1/206) :
" والخلق كلهم يسألون الله مؤمنهم وكافرهم ، وقد يجيب الله دعاء الكفار فإن الكفار يسألون الله الرزق فيرزقهم ويسقيهم ، وإذا مسهم الضر في البحر ضل من يدعون إلا إياه فلما نجاهم إلى البر أعرضوا وكان الإنسان كفورًا " انتهى .
وقال أيضًا في "مجموع الفتاوى" (1/223) :
" وأما إجابة السائلين فعام فإن الله يجيب دعوة المضطر ودعوة المظلوم وإن كان كافرًا " .
انتهى .
سابعًا : لا يلزم من استجابة الله لدعاء الكافرين حبه لهم أو إعزازه وإكرامه لهم ، أو رضاه عن دينهم ومعتقدهم ، بل قد يكون ذلك من استدراجهم وتعجيل الخير لهم ليذوقوا العذاب في العاقبة ، فالله عز وجل لا يحب الكافرين ولا يرضى عنهم ولا عن كفرهم .
قال ابن القيم في "إغاثة اللهفان" (1/13) :
" ليس كل من أجاب الله دعاءه يكون راضياً عنه، ولا محباً له ، ولا راضياً بفعله فإنه يجيب البر والفاجر، والمؤمن والكافر .
وكثير من الناس يدعو دعاء يعتدى فيه ، أو يشترط فى دعائه ، أو يكون مما لا يجوز أن يسأل ، فيحصل له ذلك أو بعضه ، فيظن أن عمله صالح مرضى لله ، ويكون بمنزلة من أملى له وأمد بالمال والبنين، وهو يظن أن الله تعالى يسارع له فى الخيرات وقد قال تعالى: ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكروا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُل شَىءٍ ) الأنعام/ 44.
فالدعاء قد يكون عبادة فيثاب عليه الداعى ، وقد يكون مسألة تقضى به حاجته ويكون مضرة عليه ، إما أن يعاقب بما يحصل له ، أو تنقص به درجته ، فيقضى حاجته
ويعاقبه على ما جرأ عليه من إضاعة حقوقه واعتداء حدود " انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" ص89 :
" فليس كل من متعه الله برزق ونصر إما إجابة لدعائه وإما بدون ذلك يكون ممن يحبه الله ويواليه ، بل هو سبحانه يرزق المؤمن والكافر والبر والفاجر ، وقد يجيب دعاءهم ويعطيهم سؤلهم في الدنيا ، ومالهم في الآخرة من خلاق .
وقد ذكروا أن بعض الكفار من النصارى حاصروا مدينة للمسلمين فنفد ماؤهم العذب ، فطلبوا من المسلمين أن يزودوهم بماء عذب ليرجعوا عنهم ، فاشتور ولاة أمر المسلمين وقالوا : بل ندعهم حتى يضعفهم العطش فنأخذهم ، فقام أولئك فاستسقوا ودعوا الله فسقاهم ، فاضطرب بعض العامة ، فقال الملك لبعض العارفين : أدرك الناس ، فأمر بنصب منبر له وقال : اللهم إنا نعلم أن هؤلاء من الذين تكفلت بأرزاقهم كما قلت في كتابك : ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ) ، وقد دعوك مضطرين ، وأنت تجيب المضطر إذا دعاك فأسقيتهم ؛ لما تكفلت به من أرزاقهم ولما دعوك مضطرين ، لا لأنك تحبهم ولا لأنك تحب دينهم ، والآن فنريد أن ترينا آية يثبت بها الايمان في قلوب عبادك المؤمنين ، فأرسل الله عليهم ريحًا فأهلكتهم أو نحو هذا .
ومن هذا الباب من قد يدعو دعاء معتديًا فيه ، إما بطلب مالا يصلح أو بالدعاء الذي فيه معصية الله من شرك أو غيره ، فإذا حصل بعض غرضه ظن أن ذلك دليل على أن عمله صالح بمنزلة من أملى له وأمده بالمال والبنين فظن أن ذلك مسارعة له في الخيرات ، قال تعالى : ( أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ . نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ ) " انتهى .
ثامنًا : استجابة الله لبعض دعاء الكافرين إن وقعت فالأظهر أنها تكون بتحقيق بعض مرغوبهم في شيء من أمور الدنيا .
أما استجابة الله لدعاء المسلم فتكون على صورة من ثلاث : إما أن يعطى ما سأل ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثله ، وإما أن يدخر له في الآخرة .
قَالَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ : إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا )
أخرجه أحمد (10749) وصححه الألباني في " مشكاة المصابيح " (2199) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في"فتح الباري" (11 /95) :
" كل داع يستجاب له ، لكن تتنوع الإجابة : فتارة تقع بعين ما دعا به ، وتارة بعوضه ، وقد ورد في ذلك حديث صحيح " انتهى.
ويمكنك مراجعة جواب السؤال رقم (153316) .