دليل أونلاين مصر

من هي ام جعفر بن يحيى البرمكي

0 معجب 0 شخص غير معجب
47 مشاهدات
سُئل ديسمبر 17، 2018 بواسطة Walaa Hessen (9,551,190 نقاط)
من هي ام جعفر بن يحيى البرمكي

إجابة واحدة

0 معجب 0 شخص غير معجب
تم الرد عليه ديسمبر 17، 2018 بواسطة fawzy (9,614,560 نقاط)
مأساة:لو كان للتاريخ دموع يذرفها عند الأحزان والمآسي لرأينا دموعه تجري عند ذكر هذه المرأة، ولو كانت الحجج والأساليب البشرية قادرة على تغيير الأمر المقدر لاستطاعت هذه المرأة – بما آتاها الله من سعة الحيلة وقوة الحجة وحسن التوسل – أن تغير شيئا مما قضي وقدر... ولكن هيهات

إنها امرأة عاشت عيشة النعيم حتى كادت أن تنسى أن في الدنيا بؤسا، وكانت في حالة من السعادة ما تظن أن بعدها شقاء! وكان حولها من الخلفاء والأمراء ما يخيل إليها أن لا خوف عليها بعدهم ولا هي تحزن... فإذا بها تفاجأ بالبؤس يحل في وسط دارها، وبالشقاء يمد بسطه من حولها، وبالخوف والحزن يأتيها من حيث لا تحتسب، وهي غافلة.
البداية:
اشتهرت بأم جعفر بن يحيى البرمكي، وهي وإن كان اسمها فاطمة بنت محمد بن الحسين بن قحطبة، إلا أن كنيتها غلبت على اسمها. إذ يكفي أن تذكر (أم جعفر) في عصر هارون الرشيد، بل في عصور التاريخ الإسلامي منذ ذلك الحين حتى الآن، ليتذكر خبرها على  وجه الخصوص مع هارون الرشيد، وخبر البرامكة وفجيعتهم في شبابها وأيام عزها... فضلا عن ذكر مجدها التليد وشرفها العالي.
كانت – إضافة إلى نسبها وبلاغتها وأدبها – فتنة للناظرين لجمالها، ولم تصلح زوجة إلا لشريف من أشراف الدولة العباسية مثل يحي بن خالد البرمكي، ولم يكن يصلح لها إلا مثله، وقد ولدت ليحي ولده جعفراً.
وفيما كان على ثديها ترضعه، إذا بزوجة الخليفة المهدي (الخيزران) تأتيها المنية ولم تكمل رضاع ولدها هارون الرشيد، فبحث له المهدي عن مرضعة تكون له كفوا.. فوقع اختياره على فاطمة بنت محمد أم جعفر ابن يحيى، لترضعه لبانها، وتضمه في حجرها، وتغمره بحنانها.
ولما ولدت ولدها الآخر الفضل بن يحيى تسامع به النساء من حولها، حتى سمت بعضهن أولادهن المولودين في يوم ولادته باسم ولدها الفضل تفاؤلا واستشرافا...
لقد كانت الدنيا كلها تلهج باسم زوجها وأولاده، خاصة الفضل ويحيى، وتمجد ذكرهم وتخلد مآثرهم – وهم أهل لذلك – لا بل كانت تلهج باسمها أيضا كامرأة جليلة ذات نفوذ وسلطان، واحترام وإجلال، وأدب وبلاغة، وبر وإحسان.
ذكر لعمر بن مسعدة كاتب المأمون توقيعات أم جعفر، فقال: قرأت لأم جعفر توقيعا في حواشي الكتب وأسافلها، فوجدتها أجود اختصارا وأجمع للمعاني.
كان ولدها – من الرضاع – هارون الرشيد يؤثر البرامكة أبناءها من النسب ويقدمهم، وكان يعاملها معاملة خاصة كأنها أمه، بل ربما غالى في ذلك، حتى كانت نكبة البرامكة على يده، فكان لها معه نبأ... وأي نبأ!!
نكبة الزمن
ولا بأس أن نسرد الخبر سردا كما جاء في العقد الفريد ونحن نتابعه بشغف وإشفاق، قال ابن عبد ربه:
- كان الرشيد يشاورها مظهراً لإكرامها والتبرك برأيها، وكان آلى وهو في كفالتها: ألا يحجبها، ولا استشفعته لأحد إلا شفعها. وآلت عليه أم جعفر حتى لا تحرجه : ألا دخلت عليه إلا مأذونا لها، ولا شفعت لأحد لغرض دنيا. قال سهل بن هارون كاتب يحيى البرمكي: فكم أسير فكت، ومبهم عنده فتحت، ومستغلق منه فرجت.
ووقعت واقعة البرامكة واحتجب الرشيد بعد قتله لجعفر بن يحيى البرمكي، وحبسه لآخرين منهم، بمن فيهم يحيى زوج أم جعفر فلم يقابل أحدا ... فطلبت الإذن عليه من دار (البانوقة بنت المهدي) ومتت بوسائلها إليه فلم يأذن لها، ولا أمر فيها بشيء، فلما طال ذلك بها خرجت كاشفة وجهها واضعة لثامها، محتفية في مشيها، حتى صارت بباب قصر الرشيد، فدخل عبدالملك بن الفضل الحاجب. فقال: ظِئْر أمير المؤمنين – أي مرضعته – بالباب في حالة تقلب شماته الحاسد إلى شفقه أم الواحد.
فقال الرشيد: ويحك يا عبدالملك أو ساعية.
قال: نعم يا أمير المؤمنين حافية.
قال: أدخلها يا عبدالملك. فرب كبد غذتها، ورب كربة فرجتها، وعورة سترتها.
قال سهل: فما شككت يومئذ في النجاة بطلبتها واسعافها بحاجتها. فدخلت، فلما نظر الرشيد إليها داخلة قام محتفيا حتى تلقاها بين عمد المجلس، وأكب على تقبيل رأسها ومواضع ثدييها ثم أجلسها معه.
فقالت: يا أمير المؤمنين! أيعدو علينا الزمان ويجفونا – خوفاً لك – الأعوان، ويحردك عنا البهتان، وقد ربيتك في حجري وأخذت برضاعك الأمان من عدوي ودهري؟ فقال لها: وما ذلك يا أم الرشيد؟
قالت: ظئرك يحيى وأبوك بعد أبيك، ولا أصفه بأكثر مما عرفه به أمير المؤمنين من نصيحته وإشفاقه عليه وتعرضه للحتف في شأن موسى أخيه (أي حماية لموسى الهادي شقيق الرشيد)
فقال لها: يا أم الرشيد أمر سبق، وقضاء حم وغضب من الله نفذ.
فقالت: يا أمير المؤمنين يمحو الله ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب.
قال: صدقت، فهذا مما لم يمحه الله.
فقالت: الغيب محجوب عن النبيين، فكيف عنك يا أمير المؤمنين.
قال سهل بن هارون: فأطرق الرشيد مليا. ثم قال:
  وإذا المنية أنشبت أظفارها   ألفيت كل تمية لا تنفع
فقالت بغير روية: وما أنا ليحي بتميمة يا أمير المؤمنين. وقد قالها الأول:
  وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد      ذخرا يكون كصالح الأعمال
هذا بعد قوله سبحانه: ( والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين ) فأطرق الرشيد مليا ثم قال:  إذا انصرفت نفسي عن الشئ لم تكد           إليه بوجه آخر الدهر تقبل
فقالت: يا أمير المؤمنين وأقول:
ستقطع في الدنيا إذا ما قطعتني        يمينك فانظر أي كف تبدل
قال هارون: رضيت. قالت: فهبه لي يا أمير المؤمنين. فأكب هارون ملياً ثم قال: لله الأمر من قبل ومن بعد.
فقالت: يا أمير المؤمنين: ( ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ) واذكر يا أمير المؤمنين أليتك: ما استشفعت إلا شفعتني.
قال: واذكري يا أم الرشيد أليتك: أن لا شفعت لمقترف ذنبا.
محاولة استعطاف:
قال سهل بن هارون: فلما رأته صرح بمنعها، ولاذ عن طلبها، أخرجت حِقّاً من زمردة خضراء، فوضعته بين يديه. فقال الرشيد: ما هذا؟ ففتحت عنه قفلا من ذهب، فأخرجت منه حذاءه وخفضه وذؤابته وثناياه قد غمست جميع ذلك في المسك. فقالت: يا أمير المؤمنين استشفع إليك، وأستعين بالله عليك وبما صار معي من كريم جسدك وطيب جوارحك ليحيى عبدك. فأخذ هارون ذلك فلثمه، ثم استعبر وبكى بكاء شديدا، وبكى أهل المجلس ( وظن الظان أنه سيعفو ) لكنه قال لها: حسنا ما حفظت الوديعة. قالت: وأهل المكافأة أنت يا أمير المؤمنين. فسكت، وقفل الحق، ودفعه إليها وقال(( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ))
قالت: ويقول(( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل )) ويقول: (( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم )) قال: وما ذلك يا أم الرشيد؟
قالت: ما أقسمت لي به أن لا تحجبني ولا تجبهني.
قال: أحب يا أم الرشيد أن تشتريه محكمة فيه,
قالت: أنصفت يا أمير المؤمنين، وقد فعلت غير مستقيلة لك ولا راجعة عنك. قال: بكم؟ قالت: برضاك عمن لم يسخطك.
قال: يا أم الرشيد أما لي عليك من الحق مثل الذي لهم. قالت: بلى يا أمير المؤمنين (أنت) أعز علي وهم أحب إلي. قال: فتحكمي في ثمنه بغيرهم.
قالت: (وقد يئست منه بعد كل هذا) بلى قد وهبتك، وجعلتك في حل منه... وبقي مبهوتاً ما يحير لفظة.
قال سهل وخرجت فلم تعد. ولا والله ما رأيت لها عبرة ولا سمعت لها أنةً.
خاتمة حزينة:
وابتعدت الأم المفجوعة بولدها القتيل جعفر، وبزوجها السجين يحيى ، وبولدها السجين الآخر الفضل، وبولدها الذي رفض شفاعتها هارون. ابتعدت عن تغداد حتى استقرت في الرقة.
ولا شك أن هارون الرشيد قد فضل الحزم في القرار السياسي على الاستجابة لعاطفة الأمومة.
وقد توفيت أم جعفر في حالة يرثى لها في الرقة، فاشترى لها عشرة أجربة عند وادي القناطر على شاطئ الفرات، ودفنت فيها. وبني عليها قبة عرفت بقبة (البرمكية). رحمها الله وأحسن إليها.
المراجع:-
تاريخ الطبري، معجم البلدان، البيان والتبيين، العقد الفريد، تاريخ ابن خلكان، صبح الأعشى، أعلام النساء.

لم يتم إيجاد أسئلة ذات علاقة

دليل أونلاين مصر

powered by serv2000 for hosting , web and mobile development

...